بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين
قال تعالى ( مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا )) " 15 " الاسراء
قال الحافظ ابن كثير في تفسيره عند تفسيره لهذه الآية : إخبار عن عدله
تعالى، وأنه لا يعذب أحدًا إلا بعد قيام الحجة عليه بإرسال الرسول إليه، كما قال
تعالى: { كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا
نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نزلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلا فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ }
[ الملك: 8 ، 9 ]، وكذا قوله [تعالى] (7) : { وَسِيقَ الَّذِينَ
كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ
رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ
كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ } [ الزمر: 71 ]، وقال تعالى: { وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ
فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ
وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ } [ فاطر: 37 ] ج 5 /52
و هذ الذي قاله الحافظ ابن كثير في تفسير هذه الآية من كون العذاب لا يقع إلا بعد
قيام الحجة هو ظاهر هذه الآية و غيرها من الآيات كقوله تعالى : (( ذَلِكَ
أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ)) (131) الانعام . و قوله
تعالى : (( وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا يَتْلُو
عَلَيْهِمْ آَيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ)) (59) القصص .
و قوله تعالى : (( وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا لَهَا مُنْذِرُونَ (208)
ذِكْرَى وَمَا كُنَّا ظَالِمِينَ)) (209)الشعراء
لكن ههنا مسألة هل الآية تعم عذاب الدنيا و الآخرة و إن الله لا يعذب أحدا
في الدنيا و لا الآخرة إلا بعد الإنذار؟ فالمنقول عن أهل السنة و الجماعة إن
هذه الآية تعم عذاب الدنيا و الآخرة و إن الله لا يعذب أحد إلا بعد الإنذار
ذكر ذلك عنهم شيخ الاسلام ابن تيمية في كتابة درء تعارض النقل و العقل
ج4 / 295 . و ذكر المفسر ابن عطية القرطبي في تفسيره عن الجمهور
إن هذه الآية و أمثالها خاصة في رفع عذاب الدنيا لا الآخرة فقال في تفسيره :
قالت فرقة هي الجمهور : هذا في حكم الدنيا ، أي إن الله لا يهلك أمة
بعذاب إلا من بعد الرسالة إليهم والإنذار ، وقالت فرقة : هذا عام في الدنيا
والآخرة .المحرر الوجيز ج4 /225
و هذا الذي نقله ابن عطية عن الجمهور من أن المراد بالآية رفع عذاب الدنيا
دون الآخرة يُنَاقَش من وجهين :
الأول صحة ثبوت هذا النقل عن الجمهور إن عنى به جمهور المفسرين فإن
أبو جعفر الطبري لم ينقل في تفسيره إلا القول الأول و نقله عن أبي هريرة
مرفوعا و موقوفا و لم ينقل غيره و هذا الذي نسبه أبو الحسن الأشعري لاهل
السنة و أقره شيخ الاسلام على هذا النقل.
الوجه الثاني إن هذا النقل فيه تخصيص لعموم الآية بدون مخصص فإن قصر
العذاب في الآية على عذاب الدنيا خلاف العموم الذي دلَ عليه ظاهرها ، و الذي
عليه عامة العلماء من اهل الاصول و غيرهم أن العام يُحمَل على عمومه ما لم
يرد دليل على تخصيصه ، و كذلك مما يبين ضعف هذا التخصيص بعذاب الدنيا
قوله تعالى : (( وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا لَهَا مُنْذِرُونَ (208) ذِكْرَى
وَمَا كُنَّا ظَالِمِينَ (209) الشعراء فقوله تعالى : (( ذكرى و ما كنا
ظالمين )) ظاهر في إن الهلاك و العذاب بدون إرسال الرسل من الظلم
الذي يتنزه الله سبحانه و تعالى عنه و إذا كان العذاب في الدنيا بدون إرسال
الرسل من الظلم الذي نزّه الله نفسه عنه فكذلك الأمر في الآخرة فإن تعذيبه
لمن لم يرسل اليه الرسل من الظلم الذي يتنزّه عنه و لا فرق بين الصورتين
، و قد يحتج من ينتصر للقول بتخصيص الآية بالحديث الذي يرويه ابن ماجة
و غيره من حديث ابن عمر رضى الله عنهما عن النبي صلى الله عليه
و آله و سلم أنه قال : (( حيثما مررت بقبر مشرك فبشره بالنار ))
سنن ابن ماجة ج ا /501 و هذا الحديث عمومه يعارض هذه الآية فمنطوقه
إن كل من أشرك فهو في النار سواء أُقِيمت عليه الحجة أو لم تقم عليه
إلا إذا قلنا إن جميع المشركين قد أقام الله عليهم الحجة لكن هذا يرده التنزيل
فإن الله قد ذكر في كتابه عدم إرساله الرسل لبعض الأقوام و هم من يسمَّون
بأهل الفترة قال تعالى : (( وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا وَلَكِنْ رَحْمَةً
مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (46)القصص
فهذه الآية ظاهرة في أن بعض الأقوام لم تأتيه النذر و إذا بطل هذا التعلق
لم يبق إلا القول بضعف هذا الحديث و بطل الإستدلال به على صحة تخصيص الآية .
و الله أعلم .
السبت سبتمبر 12, 2009 11:57 pm من طرف الداعي
» حقيقه العلاج بالقران
الجمعة أغسطس 28, 2009 3:55 am من طرف ~√.퇇.الفـراشـ..ـة .퇇.√~
» هل لي مكاان بينكم ..؟؟ :-)
الأحد أغسطس 23, 2009 8:33 pm من طرف الداعي
» حقيقه تنقذك من عذاب القبر
الأحد أغسطس 23, 2009 8:21 pm من طرف الداعي
» رحبوو فيني (:
السبت أغسطس 22, 2009 11:47 am من طرف ~√.퇇.الفـراشـ..ـة .퇇.√~
» أذكـــار تحفظك من كل شي 1
السبت أغسطس 22, 2009 5:41 am من طرف احمدالشمري
» الرسائل الواردة =10
السبت أغسطس 22, 2009 5:40 am من طرف الداعي
» [size=18]أذكـــار تحفظك من كل شي[/size]
السبت أغسطس 22, 2009 5:32 am من طرف الداعي
» مـكـتـبـة للأدعيه والاذكـار...1
السبت أغسطس 22, 2009 5:28 am من طرف الداعي
» أنشودة إن تطاول
السبت أغسطس 22, 2009 5:20 am من طرف احمدالشمري